كلية الشريعة .. بين الاتباع والاحتفال!

"لم يكن من عمل السلف الاحتفال بالموالد". ابن وضاح القرطبي (287هـ)

الحمد لله الذي أكمل الدين وأتم النعمة، والصلاة والسلام على من بعث بالهدى والرحمة. أما بعد:

في زمن طغت فيه الأهواء، وكثرت فيه البدع والآراء، طالعنا -من حيث لا نحتسب- منشورٌ عبر الحساب الرسمي لكلية الشريعة في جامعة الكويت على منصة (الإنستغرام) يهنئ فيه بالمولد النبوي.!

 

 

وإنّا لنعجبُ غاية العجب ومنتهاه! كيف يصدرُ مثلُ هذا عن صرحٍ علميٍّ شامخٍ كان -ولم يزل- منارةً للهدى، ومنبعاً للعلم والتقى!

 

هذا الحدثُ بكل ما يحملُه من دلالاتٍ، يستدعي وقفةَ تأملٍ عميقةً ونظرةً فاحصةً للقائمين على الحسابات الرسمية للكلية، لا من باب التشهير أو التجريح، بل من منطلق الحرصِ على نقاء الدين وصفاء العقيدة.

 

فلا يليقُ بمؤسسةٍ علميةٍ رصينةٍ، تحملُ على عاتقها مسؤوليةَ تخريج علماء المستقبل وحماة الشريعة، أن تقعَ في مثل هذا المنزلق!

وبهذه المناسبة، أقول:

 

أتى المولدُ المزعومُ بدعةَ عصرِنا

وما كانَ في عهدِ الصحابةِ من ذِكرِ

 

ولو كانَ خيراً سابقونا لفضلهِ

وما تركوا للخُلفِ من صالحِ الأمرِ

فقد تمَّ دينُ اللهِ دونَ ضرورةٍ

لأيِّ ابتداعٍ واختراعٍ لما يجري

وخيرُ الهُدى هديُ النبيِّ محمدٍ

وأصحابِهِ من بعدهِ خيرةِ البشرِ

فما احتفلوا يوماً بمولدِ أحمدٍ

ولا خصَّصوا يوماً بفضلٍ ولا أجرِ

وكلُّ ابتداعٍ في الدِّيانةِ ضلَّةٌ

وإن زُيِّنَت للناسِ بالقولِ والفكرِ

فحبُّ النبيِّ المصطفى في اتِّباعهِ

وليسَ بإحداثٍ وتزيينِ ما يُفري

فدَع عنكَ ما سنَّ الأُلى بعدَ عهدهِ

وعُد للأصولِ الثابتاتِ بلا مُرِّ

فخيرُ عبادِ اللهِ من كانَ تابعاً

لهديِ رسولِ اللهِ في السرِّ والجهرِ

عجبتُ لدارٍ للشريعةِ تدَّعي

وتنشرُ في الآفاقِ ما ليسَ بالبِرِّ

أفي دُرَّةِ الشرعِ الحنيفِ مُروِّجٌ

لبدعةِ ميلادٍ تُناوئُ للذِكرِ!

ألم يعلموا أنَّ الشريعةَ تمَّتِ

وأنَّ اتِّباعَ المصطفى خيرُ ما يَسري!

فيا حاملي العلم الشريف تنبَّهوا

وعودوا إلى نهجِ الصحابةِ والفِطرِ

فمِن واجبِ الأشياخِ تصحيحُ ما بدا

منَ الزيغِ في الأفهامِ والقولِ والنشرِ​​​​​​​​​​​​​​​​

أبو عبد الرحمن

١٢ ربيع الأول ١٤٤٦ هـ